يتساءل العديد عن أحدث اتجاهات الموارد البشرية إذ إنه مع بداية العام الجديد تستمر المنشآت في مواجهة تحديات جديدة بفعل بيئة الأعمال العالمية غير المستقرة التي تسود منذ سنوات حيث يزداد التركيز على دعم الموظفين وتقديرهم لضمان تحقيق النجاح وفي هذا المقال، سنسلط الضوء على أحدث توجهات الموارد البشرية المتوقعة في إدارة القوى العاملة لعام 2024 والتي يمكن أن تجعل من مكان العمل بيئة أفضل.
أحدث اتجاهات الموارد البشرية
شهد سوق العمل تحولات كبيرة في السنوات الأخيرة بسبب الأزمات الاقتصادية والصحية والسياسية، بالإضافة إلى تأثير الثورة الرقمية على العمليات الداخلية والخارجية وفي هذا السياق المتغير، يتعين على الشركات التجدد والتكيف سنويًا لتظل جذابة وتنافسية حيث ينتظر من قسم الموارد البشرية تبني تقنيات فعالة تتماشى مع الاتجاهات الحالية ودعم التغيير المستمر والالتزام بالاحتياجات الجديدة وهنا نتعرف على أحدث اتجاهات الموارد البشرية التي يوضحها موقع ارى.
الذكاء الاصطناعي التوليدي
يواصل الذكاء الاصطناعي التوليدي مثل ChatGPT تعزيز دوره كأحد أبرز توجهات الموارد البشرية مع توقعات بتوسع استخدامه بشكل أكثر حكمة ووعي مقارنة بالعام الماضي إذ إنه وفقًا لاستطلاع رأي أجراه معهد جارتنر للأبحاث، أفاد 76% من قادة الموارد البشرية بأن عدم اعتماد حلول الذكاء الاصطناعي خلال العامين المقبلين قد يجعل منشآتهم متخلفة عن منافسيها.
وفي هذا العام من المتوقع أن يتغلغل الذكاء الاصطناعي التوليدي في جميع جوانب إدارة رأس المال البشري والتي تتضمن برامج التوظيف وكتابة الأوصاف الوظيفية وتصفية المرشحين، بالإضافة إلى إدارة الأداء وقياس إنتاجية الموظفين وتحليل البيانات وتقديم توصيات استراتيجية حيث يمكن لمساعد الذكاء الاصطناعي من بيزات تحليل جميع البيانات المخزنة داخل المنشأة لإنتاج إحصائيات ورؤى وخطط مخصصة كما يمكنه كأداة افتراضية أن يجيب على الأسئلة الشائعة للموظفين بشأن سياسات المنشأة وقوانينها.
علاوة على ذلك، يعني هذا أن الذكاء الاصطناعي التوليدي يمكن أن يقدم دعمًا ذكيًا ويقلل من الاحتكاك ويحسن تجربة الموظف عند البحث عن معلومات كما يساعد صناع القرار في اتخاذ قرارات أفضل عبر كافة جوانب إدارة الموارد البشرية من التوظيف إلى تبادل المعلومات الحيوية.
قراءة وتحليل البيانات
إن مع توسع دور إدارة الموارد البشرية وانتقالها من المهام التقليدية إلى أدوار استراتيجية تسهم في تعظيم القيمة للمنشأة، أصبحت القدرة على قراءة وتحليل البيانات واستخراج أفكار قيمة منها من أهم المهارات المطلوبة للعاملين ومن أحدث اتجاهات الموارد البشرية في هذا المجال حيث تساعد هذه المهارات في تقديم توصيات استراتيجية بشأن الاستثمار بدلاً من الاكتفاء بتطبيق أفضل الممارسات والالتزام بالمعايير.
فضلًا على إنه في المستقبل ستصبح بيانات الموارد أداة حيوية لتعزيز كفاءة العمل واتخاذ القرارات الاستراتيجية التي تدفع نمو المنشأة وتستفيد من الإمكانات غير المستغلة وتدعم التحسين المستمر لذا من المتوقع أن تولي المنشآت اهتمامًا أكبر هذا العام لتدريب متخصصي الموارد البشرية على محو أمية البيانات بحيث يصبح بإمكانهم وضع فرضيات وتحديد مؤشرات الأداء الرئيسية وقراءة البيانات وتفسيرها ثم تقديم توصيات قابلة للتنفيذ بشأن كيفية وأين يجب استثمار موارد المنشأة.
تبني الأنظمة التقنية المتكاملة
تستمر الأنظمة في التطور وتبني أحدث اتجاهات الموارد البشرية كما هو الحال مع أي أداة تقنية مما يجعلها أكثر قوة وذكاء حيث يمكنها معالجة مجموعة واسعة من المسائل والتحديات من خلال حلول متعددة الوظائف متكاملة، بالإضافة إلى الحلول الأساسية مثل الخدمة الذاتية وتجربة المستخدم السهلة واستخلاص التقارير كما تحتاج المنشآت إلى أنظمة أكثر تعقيدًا تشمل الامتثال للوائح القانونية والتكامل مع المؤسسات الحيوية مثل البنوك والتكيف مع أساليب العمل عن بعد وفحص السير الذاتية عبر نظام تتبع المتقدمين.
لذا من المتوقع أن يشهد هذا العام إقبالًا متزايدًا على أنظمة الموارد البشرية المتكاملة مثل نظام "بيزات" وليس فقط من قبل المنشآت الكبيرة ولكن أيضًا الصغيرة والمتوسطة حيث تسعى هذه المنشآت للاستفادة من الفوائد الشاملة التي تقدمها هذه الأنظمة والتي تتضمن التوافق مع التشريعات والأنظمة مثل البنوك ونظام مدد ومقيم وتعزيز القدرة على اتخاذ قرارات استراتيجية مبنية على البيانات والتسويق للعلامة التجارية للمنشأة عبر أنظمة ATS وتعزيز انتماء الموظفين من خلال برامج المكافآت والهدايا.
التوسع في التعلم وتطوير المهارات
في إطار التعرف على أحدث اتجاهات الموارد البشرية، يتطلع خبراء الموارد البشرية في عامنا هذا إلى مواجهة نقص المواهب من خلال تعزيز مهارات الموظفين الحاليين بدلًا من توظيف أفراد جدد حيث يعتبر تطوير المهارات خيارًا أقل تكلفة واستراتيجية فعالة للاستعداد لتحديات التوظيف المستقبلية.
لم يكن نقص المواهب هو الدافع الوحيد وراء هذا التوجه، بل يعزز ذلك التوسع في التحول الرقمي واهتمام المملكة بدعم المنشآت في تبني مبادرات التحول الرقمي إذ لم يعد كافيًا التركيز على المهارات الأساسية بل أصبحت الحاجة ملحة لتطوير المهارات التقنية اللازمة في بيئات العمل الرقمية ويمكن تلخيص الركائز الأساسية لهذا التوجه الجديد في النقاط التالية:
تحديد المهارات
يجب على المنشآت تحديد المهارات الضرورية التي ستكون أساسية في المستقبل والتي تشمل المهارات التقنية مثل استخدام الآلات وتطبيقات الذكاء الاصطناعي، فضلاً عن المهارات الناعمة الضرورية مثل التفكير الاستراتيجي وحل المشكلات المعقدة والذكاء العاطفي والإبداع.
توسيع نطاق التعلم
من الضروري أن تتجاوز المنشآت برامج التعلم والتطوير التقليدية وأن تعمل على نشر ثقافة التعلم المستمر في بيئة العمل ورغم أن بعض المديرين يعتقدون أنهم يطبقون هذه الثقافة إلا أن دراسة حديثة من edX أظهرت أن نصف المديرين التنفيذيين يظنون أن منشآتهم تقدم ثقافة تعلم قوية، بينما يعتقد 20% فقط من الموظفين أن هذه الثقافة حقيقية.
إشراك الموظفين
يمكن للمنشآت تعزيز التعلم من خلال تبني المحتوى التعليمي الذي ينشئه الموظفون أنفسهم وإنشاء مجموعات تعلم بين الزملاء ومشاركة موارد التعلم الجماعية، بالإضافة إلى ذلك، يجب تمكين الموظفين من التواصل والتعلم من بعضهم البعض بطرق منظمة وعفوية.
تعليم القادة
لا يمكن تجاهل أهمية تطوير مهارات القادة لتتماشى مع متطلبات بيئات العمل الحديثة حيث يجب الاستثمار في برامج تدريب قيادي شامل لا تقتصر على المهارات التقليدية، بل تشمل أيضًا المهارات الرقمية والذكاء العاطفي والإدارة التكيفية لتمكين القادة من توجيه الموظفين بفعالية في بيئات العمل التقليدية وعن بعد.
الموازنة بين التقنية الذكية والطابع الإنساني
تعد التقنيات الذكية أحدث اتجاهات الموارد البشرية بزيادة الكفاءة والإنتاجية، لكن الخبراء يحذرون من الإفراط في أتمتة العمليات حيث يمكن أن يؤدي ذلك إلى تقليص عقلية التعلم لدى الموظفين وإضعاف الجوانب الإنسانية في بيئة العمل كما يجب على المنشآت أن تستخدم الذكاء الاصطناعي بحكمة وليس فقط لزيادة سرعة الإنجاز، بل لمساعدة الموظفين في تحقيق أهدافهم بطرق جديدة.
استيعاب الجيل الجديد من الموظفين
استكمالًا للتحدث عن أحدث اتجاهات الموارد البشرية، دخل الجيل Z الذي ولد بداية من منتصف تسعينيات القرن الماضي إلى سوق العمل وبدأ بعض أفراده في تولي المناصب القيادية بالفعل حيث نشأ هذا الجيل في عالم مواقع التواصل الاجتماعي إذ اعتاد على مشاركة أفكاره ومشاعره وطموحاته عبر الإنترنت مما منحه رؤية فريدة حول القيادة وثقافة العمل والتواصل.
وفي نهاية المطاف، تقدم أحدث اتجاهات الموارد البشرية أفكارًا مبتكرة لمواجهة التحديات التي تواجهها المنشآت، فضلاً عن فرص متعددة يمكن الاستفادة منها.